الاثنين، 2 يناير 2012

لماذ ايها الابناء ؟؟؟

 
الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى
^^^^^^^
 
كان طالبا صغير الحجم،  في السنة الأولى له في الكلية عندما كنت مشرفا على الدروس العملية لعلم"الحيوان العام" منذ نحو 22 عاما.  ويبدو أنه آنس إلىّ عندما كنت أشرح له بعض ما كان يغمض عليه في تلك الدروس العملية، فمكث في ذلك اليوم بعد انصراف زملائه ليتحدث معي عن بعض متاعبه في الدراسة.  تكرر منه ذلك عدة أسابيع وكنت أتابعه وأخفف عنه متاعبه.  كان درسه العملي في ذلك العلم من الساعة الرابعة إلى الثامنة مساء.  كنا نصرف الطلاب بعد الانتهاء وأذهب إلى معملي لأنهى برنامجي وانصرف.  وجدته في ذلك اليوم منتظرا على باب الكلية ليصاحبني في شارع الكلية إلى الطريق العام.  فاتحني في حاجته إلى دروس خصوصية في مادتي!  وضّحت له الأمور برقة وبصرامة بأنه قد كبر وأصبح طالبا جامعيا وعيب عليه أن يفكر في ذلك،  وأن ذلك الأمر ممنوع في الجامعة، وهو أمر شائن لكل من الطالب والأستاذ أو المعيد، وهو غير شرعي، وعرضت عليه أن يلجأ إلىّ لفهم ما يستعصى عليه في المقرر سواء كان عمليا أو نظريا.  انتظرني في الأسبوع التالي أيضا ولكنه طلب منى أن أساعده في أخذ دروس خصوصية في مادة الكيمياء الفيزيائية عند أحد أعضاء هيئة التدريس .  أعدت على مسامعه ما قلته له من قبل،  ولكنني انتابني شيء من الفضول فسألته:
 "أنت تريد دروسا خصوصية في كل المواد، هل ذلك لقصور عندك أم لكثرة أموال والدك؟"
قال: "والدي لا يرفض لي طلبا ويريدني أن أنجح"
ازداد فضولي بالابن والأب على السواء فسألته:
"وماذا يعمل والدك يابنى؟"
أجاب على الفور: "موجه في التعليم الثانوي يا دكتور"
قلت له: "وما هو تخصصه وتعليمه؟"
قال "معه بكالوريوس علوم وموجّه كيمياء يا دكتور"!
توقفت عن السير وسألته مندهشا:
 "والدك خريج كلية العلوم قسم الكيمياء وهو موجّه كيمياء بالتعليم الثانوي فلماذا لا يشرح لك ما تحتاجه من محاضرات الكيمياء وتطلب دروسا خصوصية في تلك المادة؟"
 قال لي الولد بتلقائية وبدون تفكير:
 "لأنني لا أحبه أن يشرح لي"!!!
عندئذ اضطررت إلى إعطاؤه محاضرة عن برّ الوالدين وعلاقة الابن بالأب والأم ونحن واقفان في الشارع، واستنكرت أن والده لا يبخل عليه بشيء ومع ذلك لا يطيقه الابن أن يشرح له ما هو متخصص فيه وقادر عليه.  فهمت من الولد أنه لا يتحمّل الحوار مع والده وبدأ ينتقد والده انتقادات حادة كالسكاكين. 
في الحقيقة أنا لا أطيق السكوت ولا أقبل تفويت مثل تلك المواقف، ولا أراعى أية اعتبارات عندما أشتم رائحة الجحود والعقوق وسوء الأدب من أي ابن نحو أبيه.  واضطررت إلى تلقينه درسا غاية في القسوة مستنكرا أنه يتحاور معي بأدب وصبر وذوق في الوقت الذي يطعن أبوه في ظهره ويغتابه مع أستاذه،  وكان الأولى أن يكون ذلك الأدب والذوق مع والده، وأن أخلاقه هو وأمثاله من الأبناء هي أخلاق منافقين.  استغرق وقوفنا نحو نصف ساعة في الطريق ليلا تلقى فيها منى محاضرة عنيفة قصدت بها أن أوقظه من المستنقع الذي أوحل نفسه فيه.  ثم خففت من حدة الحوار من جانبي ناصحا إياه أن يغيّر من سلوكه تدريجيا مع والده ويقدّره حق قدره موضحا أفضال والديه عليه.  ثم طلبت منه أن يعدني بتحسين شعوره نحو والده وعلاقته به ويتابع معي الأمر طوال وجوده في الكلية.  ولكنّ الولد صدمني بتعليق أخير قبل أن يفترق عنى في الطريق قائلا بوجه شارد وكأنه يفكر بصوت عال:
 "حضرتك فعلا عند حق يادكتور، فلقد وعدني أبى بتمويل كبير لمشروع لي بعد التخرج، يجب بالفعل أن أحسّن علاقتي به في تلك الفترة" !!!
 
 
 
هو أستاذ جامعي في إحدى الجامعات وصديق لي منذ نحو 46 عاما.  رجل محترم وعلى خلق واستقامة ودقة في العمل وتميّز في تخصصه.  أذاقه ابناه الأمرّين في دراستهما وفى علاقتهما به.  أخذ أحدهما مفاتيح سيارته يوما وقادها وصدم ثلاث سيارات أخرى واقفة على الرصيف.  تلفت سيارة الأب تماما، واضطر الرجل إلى الاقتراض من أخيه ليدفع نحو ثمانية آلاف جنيها لإصلاح السيارات الثلاث لأصحابها في نفس اليوم، وتكلف إصلاح سيارته مثلهم.  أستاذ جامعي آخر محترم ومتدين يأخذ ابنه خريج الجامعة مفاتيح سيارته ويخفيها عنه في شوارع بعيدة ليمنعه من ركوبها ليستأثر بها الابن.  هذه من أبسط المشاكل إلى يحدثها بعض الأبناء. 
 
 
 
رجل محترم عالي التعليم يشغل مركزا مرموقا وهو رجل متدين جاهد مع أولاده الثلاثة وخرّجهم في ما يسمى كليات القمة، يجعلونه أهون المتحدثين إليهم، ولا ينظرون إليه إلا بنظرات نارية وبقرف ويتجاهلونه في جميع شأنهم ويغتابونه عند الناس.  وصل الأمر إلى أنّ أحدهم قال له أنه لم يفعل لهم شيئا مطلقا وأنهم خسارة فيه !!!
 
 
رجل بسيط ومحترم للغاية دمث الخلق لم يستطع شراء شقة لولده بعد أن زوّج ثلاث بنات شقيقات الولد.  قال له ابنه وهو يعلم أنه غير قادر: "سوف يقلّبك الله في نار جهنم إن لم تشتر لي شقة"!
 
 
 
صديق لي أستاذ جامعي مرموق في جامعة أخرى.  جمعني معه إفطار رمضاني جماعي بالأسر منذ عدة سنوات،  ابنته مدرّسة مساعدة في الجامعة جاءت معه وسلمت علىّ على مائدتي، فقد كنت أعرفها منذ طفولتها.  قال لي أبوها أستاذ الجامعة: "لبنى على وشك إنهاء مقررات رسالة الدكتوراه وأتمنى أن يمتحنها عمها هاشم الامتحان التأهيلى للدكتوراه".  قلت لها: "هيا اشحذي همتك يالبنى فسيكون امتحاني صعبا، ولكي ترينا ما يثلج صدورنا ويفرح والديك، وليقولوا أنّ لبنى ابنة الدكتور فلان قد اجتازت الامتحان بجدارة مثل أبيها".  لوت البنت رقبتها وردّت على الفور أمام والدها البروفيسور قائلة: "كلا،  يقولون لبنى فقط"! 
غلى الدم في عروقي وتدفقت من فمي حمم بركانية أنهيتها بقولي:
"لتعلمي يا لبنى أنّ لبنى بدون فلان (أبوها) لا تساوى ثمن الحذاء الذي يشتريه لها أبوها فلان، انصرفي من أمامي أيتها الابنة".
 
 
 
كثيرا ما يأتيني آباء بأبنائهم لكي أحاورهم وأقنعهم بما لا يقتنعون به من آبائهم.  شيء في غاية الغرابة.  وكثير من الأبناء يتجاهلون الآباء ويقللون من شأنهم.  بل الكثيرون يتسيّدون  ويستأسدون على آبائهم ويعاملونهم معاملة الكم المهمل الذي لا نفع منه ويطرحونهم جانبا في حياتهم وهم لا يزالوا ينفقون عليهم.  شيء عجيب حقا.  وفوق كل ذلك يتجنب الكثير من الأبناء ليس الآباء فحسب بل الأعمام والعمات وأقارب الآباء وأصدقاء الآباء وكل من يمتّ للآباء بصلة. 
 
 
 
زارني أحد الأصدقاء ومعه ابنه الطالب عندي في الكلية.  كان الابن الطالب واقفا خارج معملي في فناء الكلية على بعد نحو عشرة أمتار.  خرج الأب ليناديه.  دخل ابنه المعمل هائجا ومؤنبا وموبّخا والده لأنه ناداه باسمه بصوت عال في فناء الكلية!  تلقى الولد منى درسا عنيفا.  ما كل تلك العظمة وما كل تلك السفالة أيها العيّل؟
 
 
 
ليس الآباء فقط هم الذين طالهم سوء الأدب وسوء التقدير والجحود والعقوق،  ولكن من الأعراض الجانبية لثورة 25 يناير الشعبية هو الشعور الوهمي الكاذب بتفوق الشباب على الكبار واستعلائهم عليهم.  فهم يعتقدون أنهم صنّاع تلك الثورة وحدهم،  وأنّ الكبار كانوا خانعين وفاشلين وسلبيين طوال الحقبة الماضية.  أقول ذلك وأنا أعرف سلفا بأن كلامي لن يروق لكثيرين من الشباب وحتى من غير الشباب.  إن ثورة 25 يناير لم تكن إلا ثورة ربانية بكل معنى الكلمة.  شارك فيها كل الشعب بكل فئاته وطوائفه وأعماره.  كان فيها الصبيان الصغار والأطفال إلى جانب من تعدّوا التسعين من العمر، وكان فيها الرجال والنساء،  وكان فيها الغنى والفقير.  ولولا أن تدارك الله مصر برحمته وحنانه ولطفه فألهم الله رجال القوات المسلحة الوقوف في وجه الطاغية والامتناع عن تنفيذ أوامره لكانت أكبر مجزرة في تاريخ البشرية قاطبة.  فلا يصح ولا يحق لأي فئة من الشباب أن ينظروا لأنفسهم كأبطال وينظرون للكبار نظرة غير محترمة.  الكبار هم الآباء والأعمام والأخوال، والكبار فوقهم رغم أنوفهم وأفواههم وأعينهم.  كنا شبابا مثلهم - ولن أقول أفضل منهم - عندما دمرنا خط بارليف أكبر وأقوى خط حصين في التاريخ بعد عبور أكبر مانع مائي في التاريخ.  لم يتملكنا الغرور وسوء الأدب نحو الكبار.  وكما كانت تلك الثورة ربانية قال الله فيها كن فيكون كان انتصار أكتوبر 1973 انتصارا ربانيا قال الله فيه كن فيكون.  ليس كل الكبار مبارك وليس كل الكبار صفوت الشريف وليس كل الكبار يوسف والى ولا نظيف ولا أحمد عز ولا عناصر الحزب الوطني المنحل البغيض.  ليس كل الكبار لصوصا ولا قوّادين ولا أفاقين مثلهم.  الكبار أيها الأبناء هم الذين كانوا ولا يزالون مطحونين لتوفير اللقمة لكم.  ولا يزالون يطعمونكم ويطعمون أبنائكم حتى الآن.  الكبار هم الذين بذلوا الغالي والنفيس وبذلوا عصارة أجسادهم وعقولهم وحياتهم وأعمارهم ليعلموكم، حرموا أنفسهم من الكثير والكثير حتى تصلوا إلى ما وصلتم إليه.
 
 
الكبار هم الذين كانوا يستدينون وكانوا يعملون نهارا وليلا في أكثر من مهنة ويعودون منهكين ليوفروا لكم تكاليف الدروس الخصوصية حتى تجتازوا محنة الثانوية العامة السرطانية التي فرضها عليكم نظام مبارك وعصاباته لشغل الناس وتغييبهم.  الكبار هم الذين يلبسون أرخص الثياب ليوفروا لكم أغلاها لترفلون فيها.  الكبار هم الذين يقتّرون على أنفسهم ويؤثرونكم على أنفسهم ليغدقوا عليكم وينفقوا على دراستكم وحياتكم ومطالبها التي لا تنتهي.  الكبار هم الذين يؤجّلون أو يتناسون الذهاب إلى الطبيب وشراء الدواء لأنفسهم لكي يشتروا لكم الجوّال ويدفعون تكاليف مكالماتكم غير الضرورية.
 
 
 
الأكثرية الساحقة من الأبناء اليوم يتخيّلون ويعتقدون أنهم قد ولدوا كبارا وأخرجوا من أرحام أمهاتهم مرتدين البدل الثمينة الأنيقة وأربطة العنق ممسكين بملفات السيرة الذاتية أل(سى في !) التي تتضمن شهادات البكالوريوس والدكتوراه والدبلومات والدورات التي اجتازوها والوظائف والمناصب التي شغلوها،  وأنهم ولدوا بشواربهم ولحاهم وبطولهم وبعرضهم وبلحومهم وشحومهم وأوزانهم.  يتناسى هؤلاء الأبناء أنهم كانوا يبولون ويغوّطون في حجر آبائهم وعلى أكتافهم.  يتناسون أنّ آبائهم كانوا لسنوات طويلة يغسلون لهم أدبارهم بعد التبرز حتى استطاعوا هم أن يمدوا أيديهم ليغسلوها.  يتناسون السنوات الطوال التي كان الآباء يهرولون بهم من طبيب إلى طبيب  حتى كبروا وصاروا شبابا قويا ورجالا ونساء أطول وأعرض وأقوى من هؤلاء الآباء.
 
 
 
أبنائنا الأعزاء،  إن الأسرة المسلمة ليست هي الأسرة التي رسمها الكاتب نجيب محفوظ في  رواياته المدمّرة التي نال عليها جائزة نوبل!  لقد هلهل ذلك المحفوظ الأسرة المصرية ودمّر صورة الأب وربّ الأسرة في شخصية الأبّ الزنديق "سى السيد".  لا تتخيلوا أنكم تعيشون مسرحية "مدرسة المشاغبين" المخرّبة أو مسرحية "العيال كبرت" الساخرة من الأبوين والكبار.  لقد آن الأوان بعد الثورة لتطهير وسائل الإعلام من الزبالة والنجاسة والفكر المريض الميكروبي المنحرف.  أبنائنا الأعزاء،  ليس كل أب جاد ومحترم وملتزم ومكافح هو الزنديق "سى السيد" الذي أساء به محفوظ إلى كل أبّ مصري وكل أبّ مسلم.
 
 
أيها الأبناء الأعزاء،  لماذا العقوق ولماذا النفور ولماذا الاستعلاء ولماذا الغلظة ولماذا سوء الخلق مع الآباء ؟!
 
إنكم مهما كانت قوتكم ومهما كانت صحتكم ومهما كانت شهاداتكم ومهما كانت خبراتكم ومهما كانت مناصبكم ومهما كان شأنكم أو شأوكم ومهما كانت أعماركم فأنتم لستم أعظم من آبائكم مهما بلغ ضعفهم ومهما بلغ عجزهم ومهما بلغ فقرهم ومهما بلغ وهنهم ومهما بلغت قلة تعليمهم.  أنتم لستم حتى أندادا لهم.  يستحيل أن يكون الابن ندا لأبيه.  الأب هو الوالد والابن هو المولود.  الأب هو الذي أنفق وربّى والابن هو الذي أنفق عليه وهو الذي تربّى.  المثل المصري يقول إن "العين  لا تعلو على الحاجب".  نعم، فأنتم لستم عيوننا فحسب، ولكنهم فلذات أكبادنا وأفئدتنا ومحطّ آمالنا وأنتم صغارنا مهما كبرتم ومهما علوتم.  ولكنكم لستم ولن تكونوا أبدا فوق آبائكم،  فآباؤكم هم الحواجب وأنتم العيون!  إن آباؤكم سيظلون دائما فوقكم إلى يوم القيامة مهما كنتم ومهما أصبحتم.
 
 
 
إن الآباء لا يمنّون عليكم بالإنجاب والإنفاق والتربية والرعاية والتعليم.  ولكنني رأيت أن أمنّ أنا عليكم نيابة عن الآباء. أردت أن أهزّكم هزّا،  بل أزلزلكم زلزالا قبل زلزلة الساعة.  أنتم لستم أندادا لآبائكم.  إنكم لا تستطيعون أن تتحملوا دعوة عليكم من الأب أو الأم.  إنّ آباؤكم يستحون أن يمنّوا عليكم.  أنهم أدّوا دورهم بتلقائية وبفطرة أودعها الله فيهم كما سيودعها الله فيكم عندما تصبحون آباء.  إنّ الشخص الوحيد في الدنيا الذي يود أن تكون أنت أفضل منه هو أبوك.  لا يريدك أفضل منه هو فحسب ولكنه يريدك أن تكون أنت الأفضل في العالم كله!  ولذلك لم يوص الله الآباء بالأبناء لأن رعايتهم لأبنائهم أمر محتوم وفطري.  ولكنّ الله وصّى الأبناء بالآباء.  إن الشبكة العنكبوتية مليئة بالرسائل المحترمة التي تدعو إلى برّ الوالدين وعدم عقوقهم.  وتتضمن تلك الرسائل كل الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحضّ على برّ الوالدين وتحذرهم من العقوق.  فما أكثر الرسائل التي تحكى قصص العقوق وعواقبه.  وهى تدعو الأبناء بالحكمة والموعظة الحسنة.  ولكنني في رسالتي تلك أمنّ على الأبناء،  وأهدد الأبناء وأحذر الأبناء.  الآباء حسّاسون لكل نظرة ولكل نبرة ولكل لفتة ولكل حركة ولكل تعبير يأتيه الأبناء، ولا يتكلمون.  أنهم يسرّون في أنفسهم ولا يجرحون أبنائهم ويصمتون.  ولكنهم يتفاعلون ويختزنون ثم يصفحون.  بل يدعون للبارين والعاقين على السواء من الأبناء ليلا ونهارا دون أن يدرى هؤلاء الأبناء.  والله العادل الجبار يطّلع على الآباء وعلى الأبناء.
وسوف يقضى الله بين الابن وأبيه وأمه يوم القيامة.  وسوف يقضى الله بين البنت وأبيها وأمها يوم القيامة.  يوم يقرأ كلّ كتابه الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. 
 
 
 
ترى كثير من الأبناء يسيئون إلى آبائهم بالعين واللسان والحنجرة وبكل الجوارح فيما بينهم،  ويحبّون أن يظهروا أمام الناس مع آبائهم بمظهر الملائكة!  إن الأدب والبرّ أيها الابن ليس تمثيلا أمام الناس، فأين الله في وجدانك وأين الله في حياتك؟  أتخشى الناس ولا تخشى الله؟  البرّ بالوالدين وغير الوالدين أيها الابن يكون في السرّ وفى العلن.  أنت ابن أنانيّ مفرط في الأنانية،  تريد نظرة احترام لك من الناس وأنت لا تحترم أبيك.  أنت ابن غير محترم يا هذا.   ولذلك فلن تكون أبا محترما.  البرّ لا يبلى والذنب لا ينسى، افعل ماشئت كما تدين تدان.  احذر واتق الله وارجع واستغفر ربك واسترض والديك أفضل لك في الدنيا والآخرة.  احذر فان عقوق الوالدين عقابه في الدنيا قبل الآخرة.  والجزاء من جنس العمل.
 
 
  فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 "البر حسن الخلق. والإثم ما حاك في صدرك،
 وكرهت أن يطلع عليه الناس"
 
 
وعن النبي صلى الله عليه وسلم. قال:
 "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف" قيل: من؟ يا رسول الله! قال "من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة"
 
 
وقال المبعوث رحمة للعالمين:
"إن أبرّ البرّ صلة الولد أهل ود أبيه"
 
وقال صلى الله عليه وسلم:
"من سرّه أن يبسط عليه رزقه، أو ينسأ في أثره، فليصل رحمه"
 
 
ولكن كثير من الأبناء يستحقون الرثاء،  حيث يعتقدون أنّ صلة الرحم هي صلة أقارب الأم دون الأب!  ولكن كثير من اللوم يقع على أمهات هؤلاء الأبناء،  ولذلك حديث آخر.
 
 
اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماما
 
 
محمد هاشم عبد الباري
15 رمضان 1432 ه
15 أغسطس 2011

ليست هناك تعليقات: