كلمات × كلمات
باب لا ينغلق
إن ضاقت بك النفس عما بك، ومزق الشك قلبك واستبد بك،
وتلفّتَ فلم تجد من تثق، وغدا قلبك يحترق،
وأصبح القريب منك غريب،
وقلبه يحمل ثقلاً وصخراً رهيب،
ولفك ليل وحزن ولهف،
وأغلق الناس باب الودِّ وانصرفوا،
فكنْ موقناً بأن هنالك باب يفيض رحمة ونوراً وهدى ورحاب...
باب إليه قلوب الخلق تنطلق
فعند ربك باب لا ينغلق

لا تكن بخيلاً
« إذا لم يكن لديك شيئاً تعطيه للآخرين
« إذا لم يكن لديك شيئاً تعطيه للآخرين
، فتصدّق بالكلمة الطيبة ، والابتسامة الصادقة
، وخالق الناس بخلق حسن .

عجائب الاستغفار
لو شعرت يوماً بانقباض ، فحاول أن تستبدل
عجائب الاستغفار
لو شعرت يوماً بانقباض ، فحاول أن تستبدل
مشاعرك السلبية بأخرى إيجابية ،
وإذا لم تستطع فجرب الاستغفار
بهدوء وتروّي 10 مرات فأكثر

احكم نفسك
النفس ليس لها ضابط إلا صاحبها ، فهي كسولة ، خمولة ،
تشتهي المعاصي والسوء ، لا تستقر على رأي ،
إذا هوت شيئاً طوعت له كل طاقة
، وإذا عافت أمراً نصبت له شراكاً جسورة .
فكن حاكماً حازماً في قيادتها تسلم ،
قال تعالى :
{ ونهى النفس عن الهوى }
[ النازعات : 4 ] .

رد القضاء
لو قُدّر لك قضاء ، فكل محاولاتك الجهيدة
رد القضاء
لو قُدّر لك قضاء ، فكل محاولاتك الجهيدة
لردّه لن تفلح إلا بسلاح عتيد قوي واحد :
هو الدعاء :
فالدعاء يرد القضاء .

بعد العسر يسراً
إذا اسودت الدنيا في وجهك ، وشعرت بألم الانقباض في صدرك
بعد العسر يسراً
إذا اسودت الدنيا في وجهك ، وشعرت بألم الانقباض في صدرك
تذكر أن بعد الليل لا بد أن يشرق الصباح ،
وتذكر أن مع العسر يسراً .

معصية بأخرى
معصية بأخرى
إذا عصيت الله فلا تتبع معصيتك له بمعصية أخرى
، وتذكر أنه أرحم الراحمين ،
وأنه لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً
، واعلم أنك المحتاج الفقير إليه
، وهو غني عن العالمين،
واعلم أنه شديد العقاب .
عظمة لا دلال
إذا دلّلت نفسك وأعطيتها كل ما تهوى
، فسيصعب عليك فطامها ،
عندها ستشعر بوضَعَتِهَا وقلة شأنها ،
أما إذا دربّتها على مغالبة الصعاب
فستكون عظيمة ولن تخذلك أبداً .
لا تجرب الحسد
وطّن نفسك على العطاء وافرح لفرح الآخرين ،
واحذر من أن تحسد الآخرين ،
فإذا سكن الحسد قلبك ، فسترى النعمة نقمة ،
والفرح حزناً ، ولن تهنأ بحياتك أبداً
لا تشغل نفسك بالغد
اترك غداً حتى يأتيك ، فلا تشغل نفسك
مما فيه من حوادث وكوارث ومصائب ،
ولا تستبق الأحداث قبل مجيئها ،
ولا تتوقع شراً حتى لا يحدث ،
وتفاءل بالخير تجده أمامك ،
واشغل نفسك بيومك فإنه لم ينته بعد ! .
تعساء
ما أتعس أولئك الذين أبلوا اجسادهم في غير طاعة الله
، وما أتعس تلك الوجوه العاملة الناصبة التي لم تسجد لله سجدة
، بل ما أتعس الذين كبّلوا أنفسهم بذل المعاصي
فأثقلتهم في الدنيا قبل الآخرة .
اقض على مخاوفك
إذا حوصرت بالأوهام والوساوس والقلق والمخاوف
فاجعل لسانك رطباً بذكر الله ،
واعمل عملاً مفيداً مضاعفاً
حتى لا تدع وقتاً للتفكير في أوهامك ومخاوفك .
حامل الحقيقة
كن حامل حقيقة لا تهاب الآخرين ،
فحامل الحقيقة لا يخشى إلا الله ،
وكن حراً في أفكارك وتوجيهاتك ، واعمل بما تقول ،
ولا تكن عبداً إلا لخالقك .

لا تظن نفسك عالماً
من ظن أنه نال العلم ،
لا تظن نفسك عالماً
من ظن أنه نال العلم ،
وهو قد نال طرفاً منه فهو أجهل الجاهلين .
فلا تحسب للعلم وقتاً ،
واعمل حياتك متعلماً ولو كنت عالماً ،
فإذا خِلْتَ بنفسك العلم فقد جهلت .
عظمت أو صغرت
« إذا عظمت مصيبتك أو حَقُرت ،
فاجعل ذاتك في كنف الله واستمد قوتك من أنواره بقولك :
حسبنا الله ونعم الوكيل ،
فمن يتوكل على الله فهو حسبه » .
اتق الله
إذا تعسّرت أمورك ، وخالجتك الهموم والأحزان فاتق الله ،
فهو كفيل بتفريج همك ،
وتيسير أمورك
" ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً " .
الشكر لصاحب الفضل
حينما تفتح أبواب الدنيا للعبد ويغدق الله عليه من فضله ،
وتتوالى النعم فعليه أن يرجع كل هذا الفضل إلى صاحب الفضل ،
ويشكر ليل نهار حتى يزيد من عطاياه :
وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد" "
اختر اختيار الله
ادعُ الله بثبات ، واستشعر اليقين في الإجابة
، فإن لم يجب المالك الحكيم
فقد أخّر بمقتضى حكمته ،
وليعلم العبد أن اختيار الله عز وجل
خير من اختياره لنفسه .
هنا دعوة لمواسم يومية في
قضاء حوائج الناس
وتفريج كرباتهم
-إن بعض الناس يتأفف من لجوء الناس إليه لقضاء حوائجهم
خاصة إذا كان ذا وجاهة أو سعة من المال .
- ولا يدري أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ،
وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه .
- فلئن تقضي لأخيك حاجة كأن تعلمه أو ترشده أو تحمله أو تقرضه
أو تشفع له في خير أفضل عند الله من ثواب اعتكافك شهرا كاملا.
- فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور
تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ،
ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في المسجد شهرا
ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظا ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه
ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام ، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل )
رواه الطبراني في الكبير ، وابن أبي الدنيا وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة .
- إن مجرد أن تقضي لأخيك حاجة قد لايستغرق أداؤها أحيانا نصف ساعة
فإنه يسجل لك بها ثواب اعتكاف شهر واحد ، فتخيل لو أردت اعتكاف شهر كامل
كم ستحتاج من مجاهدة للنفس بتعطيل أعمالك الخاصة ،
وبقائك حبيس المسجد ثلاثين يوما إما ذاكرا لله أو ساجدا أو قارئا للقرآن ؟
- ولكن خلال دقائق معدودة تنجز فيها لأخيك حاجته
أو تسعى فيها لأرملة يسجل في صحيفتك كأنك اعتكفت سنوات عديدة .
- فكم سنة لم تحييها في الواقع سيسجل لك ثوابها إذا سخرت جزءا من وقتك لخدمة إخوانك المسملين ؟.
- فاحرص يا أخي على قضاء حوائح المسلمين ولا سيما من تصيبهم الحروب
والكوارث ولا تدعهم عرضة لفتن المنظمات المعادية للإسلام كالصليبية
التي تتسابق فيما بينها على تقديم المساعدات الإنسانية لأولئك المنكوبين ،
وذلك لتكسب ودهم وتستدرجهم إلى دينها ، تحت وطأة الجوع والمرض والحاجة ،
وعليك أن تتعلم حسن مساعدة الناس وقضاء حوائجهم وليس فن التفلت من ذلك.
- واعلم أنه كلما كانت العبادة يتعدى نفعها إلى غيرك كان أجرها أعظم إذا احتسبتها عند الله .
* أمثلة من السلف في حرصهم على قضاء حوائج الناس :
1-كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استُخلف قالت جارية منهم :
الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله .
2- وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل .
ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة . فدخل إليها طلحة نهارا فإذا عجوزا عمياء مقعدة ،
فسألها : ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ،
يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى . فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة ، عثرات عمر تتيع؟!.
3- وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن .
4- وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني أكثر .
5- وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته .
فيقول : ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة ،
إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها وإذا علمت أخي المسلم
أن هذا الثواب العظيم كله لمن يخدم أخاه المسلم وهو له سنة فاضلة .
فكيف بمن يكون في خدمة والديه وفي قضاء حوائجهما وهو أمر واجب عليه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة............".ٳلى آخر الحديث
الشرح:
قال الٳمام النووي: قوله صلى الله عليه وسلم : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة." فيه دليل على استحباب خلاص الأسير من أيدي الكفار بمال يعطيه، وعلى تخليص المسلم من أيدي الظلمة، وخلاصه من السجن ، ويدخل في هذا الباب الضمان عن المعسر ، والكفالة ببدنه لمن هو قادر عليه ، أما العاجز فلا ينبغي له ذلك .
فٳن قيل : قال الله تعالى : " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".. الأنعام : 160
وهذا الحديث يدل على أن الحسنة بمثلها لأنها قوبلت بتنفيس كربة واحدة ولم تقابل بعشر كرب يوم القيامة ، فجوابه من وجهين:
( أحدهما) : أن هذا من باب مفهوم العدد ، والحكم المعلق بعدد لا يدل على نفي الزيادة والنقصان.
(والثاني) : أن كل كربة من كرب يوم القيامة تشتمل على أهوال كثيرة، وأحوال صعبة ، ومخاوف جمة، وتلك الأهوال تزيدعلى العشرة وأضعافها.
وفي الحديث سر آخر مكتوم يظهر بطريق اللازم للملزوم ، وذلك أن فيه وعدا بٳخبار الصادق صلى الله عليه وسلم أن :من نفس الكربة عن المسلم يختم له بخير . ويموت على الٳسلام لأن الكافر لا يرحم في دار الآخرة ولا ينفس عنه من كربه شئ ، ففي الحديث ٳشارة ٳلى بشارة ، تضمنتها العبارة الواردة عن صاحب الأمارة ، فبهذا الوعد العظيم فليثق الواثقون ( ولمثل هذا فليعمل العاملون).. الصافات: 61
فأفضل الأعمال تنفيس الكرب.
وفي الحديث دليل على استحباب ستر المسلم ٳذا اطلع عليه أنه عمل فاحشة ،
قال الله تعالى:" ٳن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة).. النور: 19
والمستحب للأنسان أذا اقترف ذنبا أن يستر على نفسه،
وأما شهود الزنا فاختلف فيهم على وجهين : أحدهما يستحب لهم الستر ، والثاني الشهادة، وفصل بعضهم فقال: ٳن رأوا مصلحة في الشهادة شهدوا او في الستر ستروا
المصدر : كتاب شرح الأربعين النووية
للامام النووي
قصةحقيقية وواقعية
كاتبها البروفسور محمد عبدالله الريح أستاذ جامعي سوداني شغل منصب عميد كلية العلوم بجامعة الخرطوم لفترة طويلة ،وعمل مديراً لمتحف التاريخ الطبيعي بالسودان، وله برنامج تلفزيوني علمي بإسم (طبيعة الأشياء)، كما عمل بالتدريس في الجامعات السعودية في مجال تخصصه في علم الحيوان، وهو بجانب ذلك أديب ، وكاتب قصصي له عدة كتب، وأعمدة ثابتة في الصحف
القصة طويلة نسبياً... أرجو الصبر على قراءتها حتى النهاية للفائدة.
قصتي مع سورة يس..
أ. د. محمد عبدالله الريح
في أواخر العام 1987م و أنا بالمملكة العربية السعودية شعرت بصداع متقطع وزغللة في النظر فظننت أن ذلك ربما كان بسبب الجيوب الانفية التي أعاني منها من وقت لآخر فذهبت لاختصاصي في الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى جدة الوطني وكان طبيبا سودانياً يدعى جعفر- آسف لعدم استحضاري لإسمه كاملاً- وكان من أشهر الأطباء في تخصصه وعلى خلق رفيع.. قابلني بحفاوة أخجلتني. أجرى كل الفحوصات اللازمة وأطلعني على نتيجة فحوصاته بأن ما أشكو منه ليس له علاقة بالجيوب الأنفية وأشار إلى أن صورة الأشعة السينية توضح انتفاخاً بالونياً في منطقة بالقرب من عظمة الصدغ تسمى السرج التركي( SELLA TURSI CA ) وهو لا يريد أن يستبق التشخيص ونصحني أن أذهب لمستشفى المغربي لفحص قاع العينين وقياس الضغط داخلهما. وكانت النتيجة ما أعاني منه ليس له علاقة بأي مرض في العينين و أن الخلل يقع خلفهما. ومعنى ذلك أن الأمر يتعلق بالعصب البصري وعلي أن اخضع لفحص بالأشعة المقطعية. وجاءت نتيجة الفحص أن الانتفاخ في منطقة السرج التركي هو مؤشر لورم في الغدة النخامية (PITUITARY ADENOMA ) (وأنا اكتب هنا بعض المصطلحات باللغة الانجليزية لفائدة طلابنا في كليات الطب حتى إذا أرادوا أن يقرأوا عنها سيجدونها في مراجعهم أو ف ي الانترنت). ولأنها تقع تحت سقف الدماغ فإن أي ورم فيها يجعل الغدة تلامس التصالب البصري (OPTIC CHIASMA ) وهي المنطقة التي يتقاطع فيها العصبان البصريان ويمران فوق الغدة النخامية (مثل أسلاك الكهرباء وأنت لا تريد أن تلامس فروع شجرتكم تلك الأسلاك) و أي تلامس يؤدي إلى تلك الزغللة في النظر (سلامة النظر).
والحل هو أن اذهب للدكتور السوداني الذائع الصيت اختصاصي جراحة المخ والأعصاب الدكتور محسن حسين وهو يعمل بمستشفى الهدا العسكري بالطائف. اطلع الدكتور محسن على صور الأشعة المقطعية واخبرني أن حجم الورم كبير ولهذا لابد من تدخل جراحي ولكن يجب أن أحصل أولاً على اذن من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز (النائب الثاني ووزير الدفاع والطيران في ذلك الوقت). فكتب له الدكتور راشد الراجح مدير جامعة أم القرى بمشكلتي فجاء الأمر الكريم من سموه وبدأت رحلة العلاج. وكانت رحلة مثيرة للغاية ولهذا رأيت أن أشرك القراء معي فيها.
شرح لي الدكتور محسن حسين كل ما يتعلق بحالتي وقال لي نحن الآن متأكدون أن هناك ورماً في الغدة النخامية ولكن هناك بعض الحالات التي يجب أن نستبعدها.
أولاً: فيحدث أحياناً أن تصبح الأوعية الشريانية (رهيفة) ويحدث انتفاخ فيه يعرف بالأنيورزم (ANEURYSM) وهذه تسبب صداعاً وزغللة في النظر تجعلك ترى الشئ شيئين (DOUBLE VISION ). وهناك حالة اخرى من الأورام التي تكون في هذه المنطقة تسمى (CRANIOPHARYNGIOMA) وهي تحدث اعراضاً مماثلة. وعليه يجب أن نجري فحصاً بواسطة قسطرة نضخ من خلالها مادة ملونة في الأوعية الدماغية ومن ثم نصور منطقة المخ والأوعية المنتشرة في منطقة الغدة النخامية. هذا الفحص يقوم به الدكتور عرفان.
الدكتور عرفان سوري الأصل يحمل الجنسية الأمريكية جاء بأسرته للمملكة العربية السعودية كما قال لي لكي يكون قريباً من الحرمين الشريفين ولكي ينشئ اطفاله في بيئة مسلمة. وكنت أراقبه قبل أن يقوم بعمليته وهو يتلو آيات من القرآن الكريم وبعض الأدعية النبوية فيزيل عنك أي توتر ويسبغ عليك راحة وطمأنينة كنت في أشد الحاجة لها.
وكانت النتيجة أن كل ما هنالك ذلك الورم الذي يتطلب تدخلاً جراحياً. وشرح لي الدكتور محسن أن العملية تتم من داخل فتحة فوق اللثة أو من خلال فتحة داخل الأنف. ولأن الورم كبير فيجب أن تتبع العملية جلسات علاج إشعاعي لقتل الخلايا التي ربما يساورها الحنين فتتكاثر مرة اخرى. وحدد لي موعداً للعملية في إجازة ربيع عام 1989م وهذا هو الموعد الذي يتوجب فيه رجوعي للسودان حتى لا تطبق علي قوانين الفصل من الجامعة وحتى لا افقد حقي في المعاش.
في عام 1981م استأجرت لي الجامعة منزلاً في حي الصافية. يفتح على منزل الأخ الصديق الشاعر عبد العزيز جبورة والأخ الصديق مولانا أحمد جادين الزمزمي (رحمه الله) الذي كان يعمل قاضياً في الهيئة القضائية. مولانا الزمزمي كما يحلو لنا أن نناديه كان رجلاً سمحاً، كريماً، عطوفاً، تقياً.. مجلسه لا يمل، نسمة من نسمات حميمة تغرقك وتنشر في خلاياك طمأنينة لا نهائية. حكى لي مرة أنه في السبعينيات كان يشكو من ألم في صدره وسعال مستمر وتردد على عدد من الأطباء وتناول كل العقاقير والوصفات الشعبية ولكن دون فائدة. وأخيراً قرر أن يأخذ زوجته ويذهب لمصر للعلاج. الطبيب المصري الذي أجرى عليه الكشف وبعد أن درس جيداً كل صور الأشعة قال مبدياً أسفه:
أنا أرى إنك رجل مؤمن... وكل ما يصيبنا هو ما يقدره الله لنا والمؤمن يجب أن لا يجزع. على أي حال نتيجة الكشف لا تبشر بخير فقد وجدت أنك مصاب بسرطان في الرئة اليسرى وزحف على الرئة اليمنى وليس ذلك فحسب بل انتقل إلى اجزاء أخرى وهذه حالة لا تصلح فيها جراحة ولا أي علاج لأنه من تجاربنا فإن صاحب هذه الحالة لا يعيش أكثر من ستة أشهر. ولهذا فسأكتب لك بعض المسكنات وبعض مخففات الألم وكان الله في عونك.
قال لي مولانا الزمزمي: شكرت الطبيب وأخذت نتيجة الفحوصات وأخبرت زوجتي بكل شئ وقلت لها أن الله رحيم بنا. لقد علمت الآن أن ما تبقى من عمري ستة أشهر وهذه فترة كافية أن أرتب فيها أموري وأن أتهيأ للقاء ربي وكان من الممكن أن أموت دون أن أعرف هذه الحقيقة ولكن من كرم المولى ولطفه بنا أن هيأ لي من يعرفني بذلك. ولا اعتراض لي على حكمه. وتقبلت زوجتي ما قلته لها بصبر المؤمنة الحقة فلم تجزع ولم تضطرب فأسلمنا أمرنا لله.
ذات ليلة خطر على بالي أنني طالما سلمت أمري لله لماذا لا استغل قيامي في الثلث الأخير من الليل وأقرأ سورة (يس) سبع مرات لسبع ليال متصلة وأسأل الله أن يشفيني وأنا موقن برحمة ربي. وجعلت أتلو سورة (يس) في الثلث الأخير من الليل سبع مرات بعد أن أصلي ركعتين ولزمت ذلك وواظبت عليه.
وشعرت بتحسن في صحتي وانفتحت شهيتي للأكل وقلت نوبات السعال التي كانت تنتابني.. ونقلت إلى مدينة الأبيض فنفذت قرار النقل وتبقى لي من الموعد الذي حدده لي الدكتور شهران. وجاءت ستة أشهر ومرت وجاءت ستة أشهر أخرى ومرت. ولم أكن أشعر بأي أعراض وأخذت زوجتي وذهبت لمصر لمقابلة الدكتور الذي كشف علي من قبل. وعندما اطلع على ملفي عنده صاح بأعلى صوته:
مش معقول.. هو انت؟! دا مش معقول.. ياسبحان الله انت عملت إيه؟ قل لي انت عملت إيه؟
فأخبرته إنني كنت اسأل الله أن يشفيني.
فأخذني الدكتور إلى غرفة الاشعة وعمل لي صورة أشعة وقارن الصورتين السابقة وهذه ولم يجد أثراً لأي سرطان أو مرض بالرئة. وظل الدكتور يزورني في غرفتي في الفندق إلى أن غادرت إلى السودان.
مولانا الزمزمي اختاره الله إلى جواره قبل ثلاثة أعوام بمرض غير الذي حدده الطبيب المصري ليلة العيد وصلى عليه المصلون في ساحة صلاة العيد أمام مسجد الحاجة النية بالصافية. رحمه الله فقد كان مؤمناً ذا خلق رفيع أكرمه ربه واختاره إلى جواره في يوم سعيد مبارك.
تذكرت قصة مولانا الزمزمي وأنا اواجه عملية جراحية لا أدري ما الذي سيحدث لي فيها. ففعلت مثلما فعل مولانا الزمزمي كنت أصحو في الثلث الأخير من الليل وأصلي ركعتين وأقرأ سورة (يس) سبع مرات لسبع ليال وكنت أدعو الله قائلاً: اللهم اجعل لي من العلاج أيسره.
حلت إجازة الربيع.. وتحدد يوم العملية وأخذت أشيائي وذهبت لمستشفى الهدا وتمت اجراءات دخولي وفي يوم العملية وبعد أن ألبسوني ملابس العملية وفي داخل حجرة العملية رن جرس التلفون وتناوله الدكتور محسن وكان المتحدث من الناحية الأخرى طبيب في قسم الأمراض نقل للدكتور محسن أن طبيب علم الأمراض ال PATHOLOGIST الذي كان من ضمن أفراد فريق الدكتور محسن جاءته مهمة طارئة وسافر إلى كندا ذلك الصباح وسيعود بعد شهر وعليه لا يمكن اجراء الع ملية بدونه ويجب أن تتأجل العملية.
ارتديت ملابسي وجلست مع الدكتور محسن في مكتبه. وبالصدفة أطل علينا طبيب أجنبي. وجلس بعد أن حيانا وقدمني له الدكتور محسن وأخذنا نتحدث سوياً فسأل الدكتور محسن عن حالتي فقدم له ملفي. كان ذلك الدكتور هو دكتور قوسلين سويسري المولد ويحمل الجنسية الكندية وإختصاصي في أمراض الغدد الصماء. قرأ في ملفي جيداً ثم سأل الدكتور محسن عن موعد العملية فأجابه بأنها ستكون بعد شهر انشاء الله. فقال للدكتور محسن:
هل ممكن تحوله لي في عيادة الغدد الصماء؟ سأجري عليه بعض الفحوصات في هذه المدة وسأجرب عليه بعض الأدوية إن دعت الحالة.
وافق الدكتور محسن على الفور وتحولت إلى عيادة الدكتور قوسلين الذي نشأت فيما بعد بينه وبيني صداقة حميمة.
قمت بكل الفحوصات التي طلبها دكتور قوسلين. وقرر لي دواءً في شكل أقراص أستعملها مرتين في اليوم ونبه على أن تلك الأقراص ذات أعراض جانبية صعبة فقد تسبب لي غثياناً ومشاكل في المعدة وعلي أن آخذها مع بعض الطعام وإن دعت الحال أن آخذ قبلها قرصاً ضد الغثيان. ولقد كانت تلك الأقراص صعبة في البداية لكني واظبت عليها ولم اتركها وبعد اسبوع وهو الموعد الذي حدده لي دكتور قوسلين رجعت له وفي الطريق فجأة شعرت كأن غشاوة قد زالت عن عيني وشعرت بنور قوي يصدم عيني فارتجفت وأوقفت سيارتي خارج الطريق الجبلي الصاعد إلى قمة جبل الهدا حيث المستشفى العسكري وحيث عيادة دكتور قوسلين. أخبرت الدكتور قوسلين. لم يصدق. أخذني لطبيب عيون من أصل هندي ليرسم لي حقلاَ للرؤية (FIELD OF VISION ) لأني كنت أعاني من ضمن أعراض ورم الغدة من زغللة في النظر( HEMIANOPIA) وجاءت نتيجة الفحص تؤكد اتساع حقل الرؤية وعودته إلى حالته الطبيعية.
وأسرع دكتور قوسلين ليخبر الدكتور محسن بالتطور الذي حدث وإنني قد استجبت للعلاج إذ أن ذلك الورم الذي كان في الغدة النخامية عبارة عن إفراز الغدة لمادة البرولاكتين وإن التشخيص الذي توصل إليه هو برولاكتينوما عملاقة MACROPROLACTIONOMA ويمكن تأجيل الجراحة لأطول فترة حتى يقل حجم الورم. وانشرح صدر الدكتور محسن وقال لي سنجعل الجراحة (آخر الكي).
وضعني الدكتور قوسلين في روتين علاجي بدواء البارلوديل وهذا هو الإسم التجاري لمادة البروموكربتين BROMOCRIPTINE. وظللت أتعاطى ذلك العلاج خمس حبات كل يوم قبل النوم. واسترجعت من ذاكرتي أنني عندما كنت أدعو كنت أسأل الله (أن يجعل لي من العلاج أيسره) فهل هناك أيسر من هذا؟!
وكنت أتتبع هذا العلاج في الانترنت من وقت لآخر حتى أعرف إن كانوا انتجوا علاجاً آخر. وقد كان. فقبل عامين وجدت أن عقاراً جديداً قد حل مكان البروموكربتين ولا توجد له أعراض جانبية. والأهم من ذلك كله أن حبة واحدة منه تكفي لمدة اسبوع بحاله. فهل هناك أيسر من هذا العلاج. يا سبحان الله. والدواء الجديد اسمه دوستينكس (DOSTINEX) واسمه العلمي (CABERGOLIN ) وأي شخص يمكن أن يدخل الإنترنت ويكتب أي من الكلمتين سيتحصل على كل المعلومات التي يطلبها بخصوص هذا الدواء. ولأنه لا يوجد في السودان فقد تطوع بعض الإخوة بإرساله لي من وقت لآخر من الخارج. تصور حبة واحدة في الاسبوع. ياللسعادة.
الشاب عبد الرحمن يوسف كان يعمل في مؤسسة الراجحي للصرافة بجدة. أصيب بسرطان خطير في تجويف الأنف وانتشر في بقية أجزاء جسمه. وجاءني الأخ عادل الجعلي (زوج ابنتي الآن) وكان يعمل مع عبد الرحمن في نفس المؤسسة في جدة وطلب من زوجتي أن تجهز ملاح مفروكة لأنهم قرروا أن يتناولوا طعام الغداء مع عبد الرحمن ليرفعوا من روحه المعنوية. وقد كانت حالة عبد الرحمن ميئوس منها. اجتمعنا سوياً وكان عبد الرحمن يعاني من المرض في أطواره الأخيرة ولا يستطيع أن يأكل شيئاً إلا وتنتابه حالة من الغثيان يصعب إيقافها. وفي لحظة من اللحظات قصصت عليه قصة مولانا الزمزمي وقصتي وقلت له أن كل شئ بيد الله وإن على المرء أن يدعو الله وهو موقن بالإجابة فإن شفي كان ذلك بقدرة الله وإن اختاره الله إلى جواره إدخر له ذلك في آخرته وفي كل خير.
وآخر مرة تحدثت فيها مع الأخ عادل أخبرني أن عبد الرحمن قد شفي تماماً ونقل كفالته إلى مكتب عقار وقد استقدم عائلته وهو يقريك السلام. هذه ثلاث حالات أنا بطل إحداها وشاهد على إثنتين منها. فسبحانه مدبر الأمور والقادر على كل شئ وهو فعال لما يريد. ولا جدال فيما ورد أن (يس) قلب القرآن وأنها لما قرئت له. والله خالق الأكوان وفاطر الحب والنوى يخبرنا:
(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)
(ويشف صدور قوم مؤمنين)
(وشفاء لما في الصدور)
(قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء)
(فيه شفاء للناس)
وإذا كانت سورة (يس) هي قلب القرآن. تأمل قول الله سبحانه وتعالى في تلك السورة:
(كل في فلك)
واجر لسانك عليها من اليمين إلى الشمال ومن الشمال إلى اليمين وانظر ماذا ترى؟ تلك حكمة الله في الكون. (كل في فلك). فإذا استقمت مع هذا الأفلاك ستصير جزءاً من المعمار الكوني وستصير في تناسق مع الحركة الربانية التي أرادها الله لهذا الكون وستجد نفسك ذرة سابحة في الفلك الذي يريده لك الله. كل الأكوان في قبضته يحركها حيث يشاء ويقدر لها رزقها حيث يشاء (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين). فنسأله أن يلطف بنا فيما يشاء. وفي هذه الأيام المباركة والحجاج يتوجهون لأداء الفريضة وددت أن أودعهم بهذا المقال لعل الله يشفيهم ويشفي مرضاهم فكل أمر عسير عليه يسير.. أدع ربك وأسأله أن يجعلك قطرة ماء تسقط في محيط فتستمد قدرتها من قدرة المحيط. او ذرة تسبح في تناغم مع ذرات الكون لتصير جزءً منه أو عافية تنتشر في جسمك فلا تغادر سقماً وتنتشر في أجسام مرضاك فتشفيهم فتوجه إليه في هذه الأيام وأنت موقن بالإجابة فلعل ومضة من نوروجهه الكريم الذي ملأ به أركان عرشه تغشاك ويومها تعرف معنى الرحمة والرضا والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة. اللهم غيرها لا نبغي. وكل عام وأنتم- أحبتي- في خير ونعيم دائم.
السكينة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.أيها الإخوة الكرام، هناك ما يسمى بعلم النفس الإسلامي، فالإنسان له نفس سواها الله عز وجل بخصائص معينة، قال تعالى:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) ﴾
( سورة الشمس )
شاءت حكمة الله عز وجل أن يكون الإنسان ضعيفاً، وأن يكون هلوعاً، وأن يكون عجولاً، هذه نقاط الضعف الثلاث تجعل الإنسان يضطرب إذا نزلت نازلة، أي إنسان حينما يقلق على رزقه، أو على صحته، أو على أهله، أو على أولاده يضطرب أشد الاضطراب، وهذا الخوف والاضطراب لا ينجو منه أحد، حتى الأنبياء.
﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ﴾
( سورة القصص الآية: 21 )
ويبدو أن هذا الخوف باعث كبير جداً إلى الله، فلا شيء يدفعنا إلى الله كأن نخاف، والخائف يحتاج إلى ملاذ، إلى ركن ركين، إلى قوي يستعين به، إلى عظيم يستظل بظله، إلى غني يغتني به، فطبيعة النفس البشرية أن فيها نقاط ضعف ثلاث، والآيات تشير إلى ذلك
﴿الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
( سورة المعارج )
من حكمة الله أيضاً أن الله ثبت مليارات الأشياء في حياتنا، الشمس تشرق كل يوم، ليس هناك قلق إطلاقاً على عدم إشراقها، بل بإمكانك أن تحدد بعد ألف عام في اليوم الفلاني متى تشرق، ثبات مذهل، هذه الساعة التي بأيدينا، والتي نضبطها على أدق ساعة في العالم، أدق ساعة في العالم تضبط على مرور نجم، فالله عز وجل ثبت حركة الأفلاك، ثبت خصائص المواد، تبني بناء شامخًا، تضع في البناء الحديد، لو أن الحديد يبدل خصائصه لانهار البناء، خصائص الحديد ثابتة، الذهب ثابت، تشتري ذهب بالملايين، لو أنة تبدل خصائصه، ويصدأ بالماء بعد حين لذهبت كل هذه الملايين سدى، إذاً ثبت لك خصائص المعادن، وخصائص المواد، وثبت البذور، تزرع الفستق فيكون المحصول فستقًا، لكن لو زرع الإنسان شيئًا، وكان المحصول شيئًا آخر لأصبح في اضطراب، لو تتبعت الأشياء الثابتة، القوانين المضطربة في حياتنا لوجدت العجب العجاب، كل شيء ثابت، هذا الثبات يدعو إلى الاستقرار، وثبات النظام، والطمأنينة، فالقوانين الثابتة تعينك على التنبؤ، لولا القانون الثابت لما كان هناك تنبؤ، كما ترون من استقرار الحياة بسبب ثبات القوانين، ثبات الخصائص، المعادن، وأشباه المعادن، والمواد، والأغذية، والنباتات، كل شيء له قانون ثابت.
الآن الاستثناء، الله عز وجل لحكمة بالغةٍ بالغة حرك الصحة والرزق، فالصحة متبدلة، والرزق متبدل، وحرك استقرار الأرض، يأتي زلزال فجائي، فينهار البناء الشامخ الذي كلف مليارات، والذي تم إنشاؤه في بضع سنوات ينهار في ثوانٍ، الذي حركه لحكمة بالغة، والذي ثبته لحمة بالغة، الذي حركه من أجل أن يربينا، جعلك ضعيفاً، وحرك الصحة والرزق والمكان، فالإنسان بصحته تحت ألطاف الله عز وجل.
من عجيب الصحة أن الإنسان يغادر الدنيا لأتفه سبب، يقول لك: احتشاء، يقول لك: ما به شيء، يقول لك: سكتة دماغية، وأحياناً يكون الإنسان طريح الفراش ثلاثين سنة ولا يموت، فالصحة متبدلة، والرزق متبدل، جفاف، جفاف سنوات طويلة، النبات يموت، الحيوان يموت، الإنسان يغادر، يسيح في الآفاق، فهذا التحريك من أجل تربية الإنسان.الآن جاء موضوع الدرس، موضوع الدرس السكينة، فالإنسان حينما يضطرب حينما تأتي جائحة، حينما تأتي كارثة كبيرة جداً، المؤمن له معاملة خاصة،
الآن الاستثناء، الله عز وجل لحكمة بالغةٍ بالغة حرك الصحة والرزق، فالصحة متبدلة، والرزق متبدل، وحرك استقرار الأرض، يأتي زلزال فجائي، فينهار البناء الشامخ الذي كلف مليارات، والذي تم إنشاؤه في بضع سنوات ينهار في ثوانٍ، الذي حركه لحكمة بالغة، والذي ثبته لحمة بالغة، الذي حركه من أجل أن يربينا، جعلك ضعيفاً، وحرك الصحة والرزق والمكان، فالإنسان بصحته تحت ألطاف الله عز وجل.
من عجيب الصحة أن الإنسان يغادر الدنيا لأتفه سبب، يقول لك: احتشاء، يقول لك: ما به شيء، يقول لك: سكتة دماغية، وأحياناً يكون الإنسان طريح الفراش ثلاثين سنة ولا يموت، فالصحة متبدلة، والرزق متبدل، جفاف، جفاف سنوات طويلة، النبات يموت، الحيوان يموت، الإنسان يغادر، يسيح في الآفاق، فهذا التحريك من أجل تربية الإنسان.الآن جاء موضوع الدرس، موضوع الدرس السكينة، فالإنسان حينما يضطرب حينما تأتي جائحة، حينما تأتي كارثة كبيرة جداً، المؤمن له معاملة خاصة،
﴿الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
هكذا خلقه الله، أقوى إنسان في الأرض لو أطلعته على تقرير طبي أن فيه ورماً خبيثاً تجده برك.
﴿الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
أي إنسان، كل إنسان يقلق أشد القلق على صحته، وعلى ماله، وعلى أهله، وعلى أولاده، فهذا القلق الشديد يقابله عند المؤمنين سكينة، والشيء الذي يلفت النظر أن الإنسان مهما كان قوياً، لو أن بيده مقاليد الأرض كلها، لو أن الخمس قارات بيده يقلق أشد القلق، بل هو أشد الخلق خوفاً إذا كان مشركاً، هناك قانون الخوف.
﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا﴾
( سورة آل عمران الآية: 151 )
والمؤمن يقابل الرعب بالسكينة، تجد الأخطار محدقة به من كل جانب، السيوف مسلطة عليه، ومع ذلك فهو مطمأن لوعد الله.فمن لوازم الإيمان السكينة:
﴿الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
لكن لئلا يتوهم الإنسان أن أي مصلٍّ توضأ، وصلى صار في سكينة ؟ لا، أنا مضطر إلى قاعدة فلسفية:إن الصفة قيد، اكتب كلمة إنسان، هذه تغطي ستة آلاف مليون، ضف كلمة واحدة، إنسان مسلم، مليار وثلاثمئة مليون، من ستة آلاف مليون إلى مليار وثلاثمئة مليون إنسان مسلم عربي، عشرون مليون إنسان مسلم عربي مثقف، مليونا إنسان مسلم عربي مثقف طبيب، إنسان مسلم عربي مثقف طبيب قلب، عشرة آلاف، إنسان مسلم عربي مثقف طبيب قلب جراح، خمسمئة، كل ما تضيف صفة تضيق الدائرة الآن اسمع الآية:
﴿الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) ﴾
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) ﴾
( سورة المعارج )
ليس أي مصلٍّ يستحق السكينة، الذي توافرت فيه كل هذه الشروط، يستحق السكينة.إخواننا الكرام، لا أعتقد في عصر أصاب المسلمين بمحن كهذا العصر، طبيعة هذا العصر فوق كل إنسان، مليون سيف مسلط، أحيانا تركب مركبتك، إنسان بالمقابل تأخذه سنة من النوم، فيدخل في المركبة الأولى، قد يقطع النخاع الشوكي، فيصاب بالشلل الدائم، حوادث سير، قضية في القلب، قضية في نمو الخلايا، قضية فشل كلوي، قضية تشمع الكبد، هناك أمراض وبيلة تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، وهناك مصائب في الأهل والأولاد والبيت والتجارة، والمال، مستودعات احترقت كلها، فهذا القلق الشديد من جهة الأهل، من جهة الأولاد، من جهة المال، من جهة الصحة، ما الذي يغطيه عند المؤمن ؟ السكينة، ولنقرأ الآيات، السكينة وردت في خمس آيات في كتاب الله، قال تعالى:
﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾
( سورة التوبة الآية: 26 )
السكينة ؛ الطمأنينة، السكينة ؛ السكون:
﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾
المؤمن متميز بالسكينة، الله عز وجل يلقي في قلبه السكينة، فهو في هدوء، في سكون، في رؤية صحيحة، في اعتماد على الله، الآية الثانية:
﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾
( سورة التوبة الآية: 40 )
الإسلام كله منوط بالغار، فإذا اقتحموا الغار، وقتلوا النبي عليه الصلاة والسلام وصاحبه أخذوا مئتي ناقة، كل ناقة بمليون ليرة تقريباً، في هذا الوضع الحرج الإسلام كله مبني على أن يروا من بالغار، أو لا يروه، قال له: لو نظر أحدهم إلى موطأ قدمه لرآنا، وفي قول آخر لقد رأونا، قال له:
(( يَا أَبا بَكْرٍ مَا ظَنّكَ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا ))
[ أخرجه البخاري عن أبي بكر ]
ألم تقرأ قول الله تعالى:
﴿ وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) ﴾
( سورة الأعراف )
﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾
﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾
( سورة التوبة الآية: 40 )
الآية الثالثة:
﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4) ﴾
( سورة الفتح )
الآية الرابعة:
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) ﴾
( سورة الفتح )
الآية الخامسة:
﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾
( سورة الفتح الآية: 26 )
لكن هناك تعليق هذه السكينة، متى نزلت ؟ يوم الهجرة، ويوم حنين، ويوم الحديبية، وكان عليه الصلاة والسلام يوم الخندق، الخندق حرب إبادة، الخندق الإسلام كله بكل المؤمنين قضية ساعات، حتى إن أحد الذين كانوا مع رسول الله يقول: أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى، وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته ؟ كان عليه الصلاة والسلام ينقل تراب الخندق حتى وصل التراب إلى جلدة بطنه، وهو يقول:
اللَّهُمَّ لَوْلا أنْتَ ما اهْتَدَيْنا وَ لا تَصَدََّقْنا وَلا صَلَّيْنا
فأنْزِلَننْ سَكِينَةً عَلَيْنــا وَثَبِّتِ الأقْدَام إنْ لاقَيْنـا
إنَّ الأُلى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنـا إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنــا
فأنْزِلَننْ سَكِينَةً عَلَيْنــا وَثَبِّتِ الأقْدَام إنْ لاقَيْنـا
إنَّ الأُلى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنـا إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنــا
[ رواه سلم بن إبراهيم عن البراء ]
أيها الإخوة، نحن في أمسّ الحاجة إلى السكينة، نحن في أمسّ الحاجة إلى الدعم من الداخل، نحن في أمسّ الحاجة إلى وقار، إلى هدوء إلى عمل هادئ، وهذا يحتاج إلى اتصال بالله عز وجل، لا تنسوا هذه الآية:
﴿الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
المصلي الحقيقي ينزل على قلبه من السكينة ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم. الدعاء
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضى عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضى عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمينFroM:sweet roro